)
 نص خطاب الملك محمد السادس في قمة لجنة المناخ لحوض الكونغو

أخبار اليوم| نص خطاب الملك محمد السادس في قمة لجنة المناخ لحوض الكونغو

نص خطاب الملك محمد السادس في قمة لجنة المناخ لحوض الكونغو

نص خطاب الملك محمد السادس في قمة لجنة المناخ لحوض الكونغو

هند متوكل


الأحد 29 أبريل 2018 -20:38| 379 |



“أصحاب الفخامة والمعالي،
حضرات السيدات والسادة،
انطلاقا مما يربطنا من أواصر الأخوة والتضامن الإفريقيين، نجتمع اليوم من أجل المساهمة في إطلاق دينامية إيجابية، تهدف إلى حماية نهر الكونغو وتثمينه باعتباره موروثا إفريقيا نفيسا.
وهذا هو واجبنا تجاه 200 مليون إفريقي وإفريقية، يعيشون حول هذا الحوض، وهو فضلا عن ذلك، جزء لا يتجزأ من مسؤوليتنا تجاه إفريقيا ككل.
فتفعيل الصندوق الأزرق ينبغي أن يكون مقرونا بتعبئة جميع الفاعلين الاقتصاديين ومكونات المجتمع المدني، بما يساهم في اتخاذ تدابير ملموسة للتخفيف من آثار التغيرات المناخية والتكيف معها، ويكفل قيام نمط تنموي قائم على الصمود في وجه هذه التغيرات.
ويعتبر تمويل هذا المشروع أكبر تحد أمام تفعيله. وهو ما يدعونا إلى ابتكار واستحداث الآليات الكفيلة بتقييم وتعبئة ما يتطلبه من موارد مالية، مع ما يستدعيه ذلك من جهد لإقناع المانحين، على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف، في القطاعين العام والخاص، بجدوى الانخراط فيه.
ولا يخامرنا شك، في أن إرساء الصندوق الأزرق، سيفضي حتما إلى إطلاق دينامية إيجابية، ستتمخض عن جملة من المشاريع، التي من شأنها أن تدعم اقتصاديات الدول الأعضاء وتعزز بنياتها.
وستساهم هذه الدينامية أساسا في تحسين المسالك المائية الداخلية، وتهيئة الموانئ الصغيرة، وتطوير الصيد المستدام، فضلا عن مكافحة تلوث المجاري المائية، وتقوية شبكات الري، في أفق الارتقاء بمستوى الإنتاجية الفلاحية.
فالأمل معقود على هذا النمط الاقتصادي الجديد، القائم على الماء وعلى حسن تدبيره، ليشكل رافعة للتنمية المستدامة، التي نتطلع إليها جميعا.
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
من المعلوم أن نقص الأغذية وتراجع احتياطيات المياه، إلى جانب الانعكاسات المترتبة عن التغيرات المناخية، تدفع أفواجا كبيرة من السكان إلى الهجرة، وتساهم في إضعاف الدول، وتفشي الهشاشة فيها.
فهل يعقل أن 320 مليون إفريقية وإفريقي لا يحصلون على الماء الصالح للشرب، بينما يفوق مخزون المياه الجوفية لقارتهم 5000 مليار متر مكعب؟
وستستمر هذا المفارقة الصادمة في التفاقم، ما لم نعجل باحتواء تداعياتها خلال السنوات المقبلة، لتفادي ما قد ي فضي إليه التغير المناخي، من تدهور في الأراضي، ون درة في الموارد المائية، لاسيما في ظل تراكم الطمي والتلوث، الذي يهدد المسالك المائية الصالحة للملاحة، البالغة مساحتها 25000 كيلومتر مربع.
وهذا ما يدعونا إلى التعبئة الجماعية، التي يعد التئامنا في إطار هذه القمة خير دليل على وعينا بأهميتها وقدرتنا على تحقيقها.
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يتمثل تحدي تنمية حوض نهر الكونغو، في إحداث دينامية قوامها التعاون من أجل التنمية المستدامة، بحيث يتجاوز نطاقها الدول المطلة على الحوض، ليشمل كل ربوع القارة الإفريقية.
ومن هنا، فلا سبيل أمامنا لحماية الرئتين اللتين يتنفس بهما العالم اليوم، إلا بجعل كسب هذا الرهان طموحا جماعيا لإفريقيا وللعالم ككل.
إن الموارد الطبيعية والبيئية، التي تزخر بها قارتنا، تجعل منها أحد أهم الفاعلين في هذا المجال، لاسيما بالنظر إلى ما تختزنه أنهارها وأحواضها الواسعة، من ثروة ثمينة ونفيسة تتمثل في الماء.
لقد أضحى الماء بحكم ندرته هدفا لكل الأطماع. ف ل نكن واعين بقيمة ثرواتنا، وبما نملك من قدرة على الابتكار تدعونا لتوحيد طاقاتنا ولتعزيز الثقة في مؤهلاتنا.
فبهذا النهج وحده، سنتغلب على كل الصعاب والتحديات التي تعترض سبيلنا، ون رسي نموذجا رائدا كدول قادرة على التحكم في زمام أمورها، وتغيير واقعها، من منطلق الرؤية والطموح اللذين يوحدانها، والأخذ بالأسباب الكفيلة بقيام قارة موحدة، تعتز بهويتها المتعددة وبجذورها المتنوعة، وتمضي بخطى ثابتة على درب التقدم.
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
في خضم سعينا لبناء إفريقيا الغد، تبرز الحاجة الملحة إلى المحافظة على البيئة، بوصفها أساسا لانبثاق قارتنا كقوة جماعية صاعدة، والذي سيشكل بدوره قاعدة متينة لصرح النمو الاقتصادي الشامل، الذي ننشده جميعا.
وبالتالي، ينبغي أن نعمل سويا على مراعاة ارتفاع حرارة الأرض، وما يتصل به من مخاطر في مختلف سياساتنا، وعلى تحويل اقتصادياتنا، بما يجعلها تستجيب لمتطلبات التنمية المستدامة.
إن حضورنا هنا اليوم، ل ي جسد حرصنا على وضع هذه القضايا في صدارة اهتماماتنا، وإيلائها الأولوية القصوى في جهودنا، ويؤكد عزمنا الراسخ على تفعيل مبادرات ملموسة، كفيلة بصون حقوق الأجيال القادمة.
ولن تدخر المملكة المغربية أي جهد في سبيل تفعيل المشاريع الكبرى المهيكلة لقارتنا؛ وستتجند لهذه الغاية بكل ما لها من طاقة وعزم وإصرار.
ومن هذا المنطلق، يتعين القطع مع كل التصورات، التي تتوجس من المخاطر المرتبطة بالتحديات الإيكولوجية، وذلك باعتماد منظور يركز على استثمار الفرص التي تنطوي عليها. تلكم هي روح التزامنا المشترك اليوم: التزام عنوانه المسؤولية المشتركة والتضامن الإفريقي.
أشكركم على حسن إصغائكم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
partager

تعليقات الزوار


أضف تعليقا

اسم كاتب التعليق:
البريد الإلكتروني:
عنوان التعليق:

آخر الأخبار