)
 تحديد مدة المسؤولية وانعكاسها الإيجابي على الأداء الإداري

أخبار اليوم| تحديد مدة المسؤولية وانعكاسها الإيجابي على الأداء الإداري

تحديد مدة المسؤولية وانعكاسها الإيجابي على الأداء الإداري

 تحديد مدة المسؤولية وانعكاسها الإيجابي على الأداء الإداري

بقلم ذ /خالد الشرقاوي السموني


الأربعاء 7 دجنبر 2016 -09:38| 365 |


إن واقع الإدارة العامة لا يخفى على كل مهتم بضرورة إصلاحها و لا يخفى كذلك على المختصين بأن أوراش الإصلاح التي انطلقت منذ سنوات لم تؤد إلى نتائج ملموسة قد يشعر بها المواطن المتعامل مع الإدارة ، حيث صار الإصلاح شعارا عند كل حكومة و عند كل حزب في برنامجه الانتخابي، لكن على مستوى الممارسة فهناك واقعا آخرا ، لذلك ، فإن إعادة النظر جوهريا في الإدارة على جميع المستويات أصبح أمرا ضروريا حتى تتمكن من القيام بدورها ضمانا أعمالها و أنشطتها و أهدافها .
ومن خلال هذا المقال سوف لن أتطرق إلى مختلف أوجه الاختلالات التي تعاني منها الإدارة العمومية ، و إنما سأعرج فقط على ظاهرة إدارية شائعة هو بقاء المسؤول في منصبه مدة طويلة ، مما قد يترتب عنه سلوكات و معاملات تضر بالإدارة أولا ، وتضر بمصالح الجمهور ثانيا.
فلا شك أن تغيير الموظف المسؤول بعد قضاء مدة معينة في منصبه يعد قرارا ذا انعكاسات إيجابية ، لما له من تأثير فاعل على تحسين الخدمات للمواطنين، و خلق الابتكار و الإبداع و تحقيق رفع كفاءة و جودة العمل وفقا للأساليب الإدارية الحديثة، التي تتوافق مع المتغيرات التي طرأت على الجهاز الإداري .
فبقاء المسؤول في منصبه لمدة طويلة أصبح أمرا واقعا ، و الأمثلة متعددة في هذا الصدد. وقد نتساءل : هل المسؤول الإداري أصبح رجل أعمال يسير شركة خاصة ؟ . خصوصا بالنسبة للمدراء و ما يتوفرون عليه من صلاحيات مهمة لإبرام الصفقات والعقود و التصرف في الاعتمادات المالية المفوضة إليهم من الموازنة العامة ، فضلا عن الإمكانات اللوجيستيكية ، التي يتصرفون فيها أحيانا كملك خاص.
فبقاء المسؤول بنفس المنصب لمدة طويلة يؤدي حتما إلى ظواهر إدارية تضر بالمصلحة العامة ، وتولد نوعا من التعاملات التي تخدم المصالح الخاصة للمسؤول ، فضلا عن نشوء مشاكل إدارية تضعف قدرة الجهاز على التجديد والإبداع، وقد تتيح المجال لتسلل بعض مظاهر الفساد الإداري المختلفة ، بما يجعل الإدارة العامة لا تخدم المتعاملين معها بالإخلاص الجدير بالشأن العام والمصلحة العليا على النحو الذي تقتضيه دولة الحق والقانون ، وأيضا إقصاء الكفاءات لتحمل المسؤولية وإبراز قدراتهم وإبداعاتهم.
إن تغيير الموظفين المسؤولين في كافة المستويات داخل الإدارة العامة ، وبالخصوص المدراء ، بعد قضاء فترة زمنية ، لا تتجاوز أربع سنوات ، بالتدوير أو النقل أو غيرها قد يتيح الفرصة للكفاءات والطاقات الفكرية المتاحة للبروز، وسيكون لذلك مردوده الإيجابي على تحسين الخدمات المقدمة للجمهور والمتعاملين مع الإدارة بصفة عامة كانوا أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين ، وهو إحدى أدوات التطوير الوظيفي والتغيير التنظيمي الفعال من أجل إدارة مواطنة للجميع ، وليست ضيعة أو مقاولة لأشخاص معينين ، يتصرفون بمنطق المصلحة الخاصة.
إن إحداث تغيير في مواقع الموظفين المسؤولين يساعد على بروز مواهب جديدة في العمل، وأن بقاءهم فترة زمنية طويلة في منصب واحد قد يؤدي إلى الملل والتكرار وعدم الإبداع والدوران في حلقة مفرغة من جديد، كما يؤدي إلى مزيد من الأخطاء والاحتقان والفساد والتعقيد التي تعود بنتائج سلبية على العمل و العاملين بالإدارة والمتعاملين معها وأيضا المجتمع برمته ، وتتنافى مع أبسط مبادئ ومفاهيم الإدارة الحديثة والمواطنة . فحتى المسؤول نفسه يبدأ بالشعور بالملل وعدم القدرة على التجديد والتغيير.
كما أن استمرار الموظف في المسؤولية لسنوات طويلة لا يساعد على خلق بيئة عمل ذات كفاءة عالية مليئة بالتحديات التي توفر فرصاً لتطوير الأداء الإداري؛ حيث أنه غالباً ما يحد المسؤول الذي أمضي فترة طويلة في منصبه من عمليات التغيير والابتكار، إذ إنه في هذه الحالة عادة ما يكون غير قادر على رؤية الاختلالات داخل المرفق الذي يسيره ، ويصبح نوعاً ما محافظاً على الطرق والأساليب الروتينية دون تجديد.
partager

تعليقات الزوار


أضف تعليقا

اسم كاتب التعليق:
البريد الإلكتروني:
عنوان التعليق:

آخر الأخبار